مبادرة أطلقتها منظمة دولتي في محاولة لخلق رواية سورية جامعة حول ما حصل في سوريا إبتداء من بداية الحراك السلمي عام ٢٠١١ وحتّى تاريخه، وذلك من خلال جمع مقابلات شفوية وحفظها في أرشيف واحد يمكن لأيّ سوريّ/ة من الأجيال الحاليّة والأجيال القادمة الإطلاع عليه. لا يركز المشروع على تحديد الإنتهاكات فقط، إنما يروي قصص اليوميات التي عاشها السوريون والسوريات في هذه الفترة بمختلف تفاصيلها سواء تضمنت انتهاكات مباشرة أم لم تتضمن، بالإضافة إلى أن هذا الأرشيف ساهم بتوثيق هذه التجارب وشهادات الحياة التي تستكمل التاريخ الرسمي المسجّل عبر توثيق الحياة والمعرفة المحلية؛ والتي غالباً ما تغيب لأسباب الإقصاء أو التهميش، وإيصال هذه التجارب، والحاجات، والأولويات إلى الرأي العام وصناع القرار.
اعتمد الأرشيف على طريقة السرد القصصي للرواة، لإنتاج أرشيف يتحدّث بلسان السوريين/ات بشكل مباشر، وبأكبر قدر ممكن من الشفافيّة والموضوعية. حاولنا، ومازلنا نحاول، أن نصل إلى كلّ السوريين/ات بمختلف تجاربهم/ن وأماكن تواجدهم/ن ضمن بيئات تضمن أمان وسلامة الرواة وشفافيّة المقابلات.
نظرا لامتداد عمليات جمع الأرشيف في أماكن وأوقات مختلفة إضافة إلى أن الأشخاص أصحاب الشهادات الفردية عايشوا الصراع بأشكال مختلفة نظراُ لخصوصية كل منطقة عن أخرى وشكل الانتهاك الذي تعرض له الراوي صاحب الشهادة بشكل خاص وأهل هذه المناطق بشكل عام واختلاف تعاطيهم معها لذلك كان هناك العديد من المواضيع التي تطرقت لها الشهادات. ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الانتهاكات العسكرية، الاعتقال، الاختفاء، القسري، القصف، الاستغلال، الفساد، والحصار والمعاناة اليومية والهجرة والنزوح، إضافة إلى العلاقات الاجتماعية وتغييرها في ظل سنوات الصراع، والحرمان من التعليم. >
مجموعات الشهادات في الإرشيف
تمّ جمع ما يقارب الـ 400 شهادة من مناطق مختلفة في كلّ من سوريا، لبنان، والأردن، تخضع بعض هذه الشهادات لقيود و شروط موضوعة من قبل أصحاب وصاحبات الشهادات, تركّز الجمع بين عامي ٢٠١٦ و ٢٠١٨ و حيث اعتمدت منهجية الجمع التركيز على المجموعات والفئات المهمشة والأقل حضوراً في خضام سنوات الحرب مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة الضحايا بالدرجة الأولى و مراعاة البعد الجندري خصوصا أن الأرشيف جمع عدد كبير من شهادات النساء و يمكن تحديد الشهادات داخل الأرشيف إلى فئتين رئيسيتين:
-
شكلت شهادات النساء نسبة (56.6%) من إجمالي الشهادات وركزت الفئة الأولى على قصص النساء من أقارب المعتقلين/ات والمختفين/ات قسراً و أثر حالات الاختفاء عليهن, إضافة لمواضيع أخرى، ركز الأرشيف على جمع قصص وتجارب هؤلاء النساء من خلال جمع شهادات حياة عبر المقابلات الفردية، حيث شكل روايات النساء إفادات مباشرة على أثر الصراع على حياة النساء وعن المعاناة التي كابدتها النساء جراء حالات الفقد داخل الأسرة والنزوح والهجرة والتضييق على مساحات النساء وتهميش أدوارهن.
- لجمع روايات النساء تم تدريب مجموعة من النساء (جامعات الروايات) على مهارات جمع قصص مع النساء آخذين بالاعتبار خصوصية خلق مساحة أمان للنساء ليستطعن رواية قصصهن الخاصة و تجاربهن الحياتية خلال سنوات الحرب. وبينما ركزت الفئة الثانية على الفئة الشابّة من السوريين/ات الذين/اللواتي تتراوح أعمارهم/ن بين ١٨- ٢٤الذين تمكنوا من خلال مشاركتهم/ن من مناقشة قصصهم/ـهن ووجهات نظرهم/ـهن، وتحديد المواضيع والقيم المشتركة، وكذلك وضع الرؤى المشتركة عن المواطنة والانتماء.
مراحل مشروع التاريخ الشفوي السوري
- خلال عمل دولتي في مناطق مختلفة من سوريا عام ٢٠١٥ ركزت دولتي على العمل مع الفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً في المجتمع في ظل اندلاع الصراع المسلح في سوريا والتي اختارت منها فئتين رئيسيتين للعمل معها والتركيز على قضاياها ومن هنا بدأ التفكير في العمل على مشروع التاريخ الشفوي بهدف رفع صوت هذه الفئات من خلال التركيز على الشهادات الحياتية المحكية للناس.
- خلال عام ٢٠١٦ تم تدريب فريق من جامعي القصص في ١٤ منطقة مختلفة من سوريا والأردن ولبنان على جمع الشهادات الشفوية وإجراء المقابلات مع فئتي الشباب والنساء.
- انطلقت عملية الجميع بين العامين ٢٠١٦- ٢٠١٨ حيث تم جمع ٤٠٠ شهادة.
- خلال السنوات اللاحقة تم العمل على معالجة الشهادات بناء على توصيات أصحاب الشهادات وملفات السماح (الموافقة المستنيرة) حيث تم العمل على تعمية اسماء شخصيات أو مواقع جغرافية تعرف بشخصيات ذكرت داخل الشهادة بهدف الحفاظ على خصوصية الأفراد وأمانهم.
- أيضا تم تطوير آليات للاحتفاظ وتخزين وتنظيم الأرشيف، وتم تطوير منصة خاصة بالأرشيف حتى يتم نشر شهادات التاريخ الشفوي عليها
- خلال سنوات المشروع عملت دولتي مع شركاء سوريين لجمع الشهادات مثل (النساء الآن للتنمية), كما تعاونت مع جهات وشخصيات لإنتاج أعمال فنية مستوحاة من شهادات الارشيف.
- لتعزيز مساحات العمل الإبداعي التي تخلد الذاكرة من خلال الفن وانطلاقا من شهادات الناس أطلقت دولتي مشروع الفن المجتمعي والذي يعتبر جزءاً من مشروع التاريخ الشفوي.
- من أجل تعزيز مساحات العمل الإبداعي وتخليد ذاكرة السوريين ، أطلقت دولتي مشروع المجتمع الفني ، وهو جزء من مشروع التاريخ الشفوي.