مازلت المسألة السورية مستمرة بقضاياها الكبيرة و المتشعبة و التي تمس و تعني السوريين سواء من عايشوا سنوات الصراع او الأجيال القادمة و مازال اهمية توثيقها و تسليط الضوء عليها مهما للغاية , و تسعى دولتي للاستمرار في رصدها مستقبلا من خلال جمع شهادات السوريين من مناطق جغرافية مختلفة سواء في سوريا أو خارجها وايضا تسليط الضوء على قضايا و مواضيع يعيشها السوريين يومياً كـ اللجوء و المشاكل الاقتصادية والتحولات السياسية..الخ.
التاريخ الشفوي وعمل الذاكرة - لماذا تجمع التاريخ الشفوي في الإرشيف؟
Mem تعتبر الذاكرة قوة مهمة تساعد المجتمعات على بناء نفسها والتعلم من تجارب الماضي والتعامل معه وخلق الوعي إلى جانب الإضاءة على الطرق التي تؤثر بها الذاكرة الفردية والجماعية للنزاع المسلح على حياة المتضررين من الحرب.
يساعدنا أخذ الذاكرة في الاعتبار على فهم أفضل لكيفية قيام استخدامات معينة للماضي بإعادة إشعال الصراعات أو إدامتها أو نشأتها. ولكن، في الوقت نفسه، يمكن للعمل على الذاكرة أن يوضح لنا كيف تستخدم المجتمعات الذاكرة للتعلم من التاريخ، أو لعلاج الندوب القديمة، أو لتذكر الضحايا وتعويضهم، أو للترويج لطرق أكثر انعكاسًا للتعامل مع الماضي
بينما يركز التاريخ الشفوي على جمع ودراسة الأحداث الهامة والمعلومات التاريخية وتسجيلها وحفظ المعلومات التاريخية بناء على الخبرات الشخصية وآراء المتحدث في زمان ومكان معين, حيث يعتبر التاريخ الشفوي طريقة لإجراء بحث تاريخي من خلال مقابلات مسجلة بين محاور مًطلع وراوي لديه خبرة شخصية بأحداث تاريخية مهمة قد يتخذ شكل شاهد عيان حول الماضي، ولكن يمكن للتاريخ الشفوي أن يشمل أيضا الفولكلور والأساطير والأغاني والقصص التي تم تناقلها عبر السنين شفهياً ويُعد التاريخ الشفوي مفيدًا بشكل خاص في التقاط القصص من مجموعات الأقليات أو المجتمعات الصغيرة التي لن يتم تمثيلها غالبًا في التاريخ الأكثر رسمية وهو مفيد أيضًا عندما يكون هناك نقص في أنواع أخرى من الأدلة، سواء كانت مكتوبة أو مرئية.
بشكل عام يهدف جمع هذه المقابلات إلى إضافة هذه الرواية إلى السجل التاريخي للأحداث حيث يعتبر التاريخ الشفوي مصدرا مهماً ورئيسياً لتأريخ الأحداث ولكن لا يقصد منه أن يقدم سرد نهائي أو موضوعي للأحداث, أو تقديم تاريخ كامل لمكان ما أو حدث ما ولكنه تاريخ محكي يعكس الرأي الشخصي الذي يقدمه الراوي, و بالتالي فهو شخصي، يسعى التاريخ الشفوي إلى جمع المعلومات والشهادات من وجهات نظر مختلفة مما يجعلها متنوعة وشاملة أكثر من المصادر التاريخية المكتوبة.
يعتمد التاريخ الشفوي على مجموعة من الأدوات مثل التسجيلات الصوتية أو تسجيل الفيديو أو محاضر المقابلات، والتي يجب الاحتفاظ بها وتوثيقها لتكون مرجعا وشاهدا للأجيال القادمة حيث يمكن استخدام التاريخ الشفوي مع مصادر أولية أخرى بالإضافة إلى مصادر ثانوية لاكتساب الفهم أكبر لمجريات الأحداث التاريخية.
التاريخ الشفوي واستخدام الفن
في إطار جهودها للتأثير في تخليد ذكرى الصراع وروايات ما بعد الصراع ، أقامت دولتي ، بالتعاون مع مجموعات أخرى ، عروضًا فنية ومسرحية وسرد قصص والتي تناولت قضايا رئيسية في موضوع ذاكرة الصراع في سوريا ، مثل قصص من قريبات المختفين ، والهجمات ضد المدنيين والتهجير القسري للمدنيين في الغوطة ، وتجارب الشباب في الصراع. حظيت هذه الأحداث الفنية ، المستوحاة من مشروع أرشيف التاريخ الشفوي SOHA ، باهتمام الفنانين والباحثين الذين أبدوا اهتمامًا إضافيًا بالوصول إلى الشهادات.
على هذا النحو ، فإن هدف مشروع الفن المجتمعي، هو تنشيط مشروع التاريخ الشفوي السوري من خلال استخدام أدوات مبتكرة وإبداعية بهدف إشراك مختلف المجتمعات السورية وتقديم روايات متعددة حول الصراع السوري وذاكرته.
مشروعنا الفني المجتمعي
خلال السنوات الماضية أقامت دولتي، بالتعاون مع مجموعات أخرى واستنادا على شهادات أرشيف التاريخ الشفوي، نشاطات فنية ورواية قصص وعروض مسرحية وغيرها من النشاطات التي عالجت قضايا أساسية في الصراع السوري وذاكرة السوريين المرتبطة بأهم أحداث هذا الصراع، مثل قصص قريبات المعتقلين والمخفيين قسراً، والهجمات التي طالت المدنيين في المدن السورية واجبرتهم على النزوح منها، وتجارب فئة الشباب في الصراع.
وقد حظيت هذه الفعاليات الفنية، المستوحاة من مشروع التاريخ الشفوي السوري، باهتمام الفنانين والباحثين الذين أعربوا عن اهتمام خاص في الاطلاع على الشهادات, مما شجع دولتي في دمج الإنتاج الفني والإبداعي في المشاركة المجتمعية والفنية لتخليد الذاكرة السورية، حيث أطلقت دولتي مشروعها الفن المجتمعي والذي عمل على تفعيل أرشيف التاريخ الشفوي السوري باستخدام أدوات مبتكرة وإبداعية بغرض التواصل مع مختلف المجتمعات المحلية السورية وعرض الروايات المتعددة حول الصراع السوري.
وكان أول منتج لهذا المشروع عمل روائي جماعى عمل عليه مجموعة من الكتاب السوريين قاموا بدورهم بإعادة إنتاج شهادات الإنسان السوري بقالب روائي يتيح نقل هذه الشهادات من تجربتها الخاصة إلى عالم الأدب والرواية، بشكل يمكّن في النهاية من إنتاج سردية الإنسان السوري، في مواجهة سرديات أطراف الصراع.